رمزية {("التعبير عن المستقبل بصيغة الماضي")} في القرآن الكريم

 ★★ .. ذروة قمة الإبداع اللغوي .. تنبع من طلاقة قدرته سبحانه ..

إذ كيف يمكن أن يستعجل المرء أمراً .. قد أتىٰ .. ومرّ .. وفات .. وولّى ..؟؟..

🧠 .. وبعد أن تتأملها بدقة .. 🧠 .. ما تفسير تلك الأحجية الإلهية ..؟🌍؟..

إن رمزية {( التعبير عن المستقبل بصيغة الماضي )} في القرآن ذات دلالة بيِّنة لم ترى النور .. للإبحار بين ثنايا وخبايا وخفايا أغوار رموزها ، حيث تكرارها ملفت 

لنرى كيف تناولتها عقول وكتب أصحاب التراث ....

★★ .. الآية رقم 1 من سورة النحل، يقول الله تعالى" أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ"هي أبرز الآيات القرآنية ذات رمز "التعبير عن المستقبل بصيغة الماضي"


★ .. تفسير الطبرى : يقول تعالى ذكره: أتى أمر الله فقرُب منكم أيها الناس ودنا، فلا تستعجلوا وقوعه.

ثم اختلف أهل التأويل في الأمر الذي أعلم الله عباده مجيئه وقُربه منهم ما هو، وأيّ شيء هو؟ فقال بعضهم: هو فرائضه وأحكامه. وعن الضحاك، في قوله ( أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ) قال: الأحكام والحدود والفرائض.

وقال آخرون: بل ذلك وعيد من الله لأهل الشرك به، أخبرهم أن الساعة قد قَرُبت وأن عذابهم قد حضر أجله فدنا.

وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب، قول من قال: هو تهديد من الله أهل الكفر به وبرسوله، وإعلام منه لهم قرب العذاب منهم والهلاك وذلك أنه عقَّب ذلك بقوله سبحانه وتعالى ( عَمَّا يُشْرِكُونَ ) فدلّ بذلك على تقريعه المشركين ووعيده لهم. وبعد، فإنه لم يبلغنا أن أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم استعجل فرائض قبل أن تُفرض عليهم فيقال لهم من أجل ذلك: قد جاءتكم فرائض الله فلا تستعجلوها. وأما مستعجلو العذاب من المشركين، فقد كانوا كثيرا.

وقوله سبحانه وتعالى ( عَمَّا يُشْرِكُونَ ) يقول تعالى تنـزيها لله وعلوّا له عن الشرك الذي كانت قريش ومن كان من العرب على مثل ما هم عليه يَدِين به.



★ .. تفسير ابن كثير : يخبر تعالى عن اقتراب الساعة ودنوها معبرا بصيغة الماضي الدال على التحقق والوقوع لا محالة [ كما قال تعالى ] : ( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ) [ الأنبياء : 1 ] وقال : ( اقتربت الساعة وانشق القمر ) [ القمر : 1 ] .

وقوله : ( فلا تستعجلوه ) أي : قرب ما تباعد فلا تستعجلوه .

يحتمل أن يعود الضمير على الله ، ويحتمل أن يعود على العذاب ، وكلاهما متلازم ، كما قال تعالى : ( ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ) [ العنكبوت : 53 ، 54 ] .

وقد ذهب الضحاك في تفسير هذه الآية إلى قول عجيب ، فقال في قوله : ( أتى أمر الله ) أي : فرائضه وحدوده .

وقد رده ابن جرير فقال : لا نعلم أحدا استعجل الفرائض والشرائع قبل وجودها بخلاف العذاب فإنهم استعجلوه قبل كونه ، استبعادا وتكذيبا .



★ .. تفسير البغوى : ( أتى ) أي جاء ودنا وقرب ، ( أمر الله ) قال ابن عرفة : تقول العرب: أتاك الأمر وهو متوقع بعد ، أي : أتى أمر الله وعدا فلا تستعجلوه وقوعا .

( أمر الله ) قال الكلبي وغيره : المراد منه القيامة .

قال ابن عباس لما نزل قوله تعالى " اقتربت الساعة " ( القمر - 1 ) قال الكفار بعضهم لبعض : إن هذا يزعم أن القيامة قد قربت فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعملون حتى تنظروا ما هو كائن ، فلما لم ينزل شيء [ قالوا : ما نرى شيئا فنزل قوله " اقترب للناس حسابهم " ( الأنبياء - 1 ) فأشفقوا ، فلما امتدت الأيام قالوا : يا محمد ما نرى شيئا مما تخوفنا به ] فأنزل الله تعالى : ( أتى أمر الله ) فوثب النبي صلى الله عليه وسلم ورفع الناس رءوسهم وظنوا أنها قد أتت حقيقة فنزلت ( فلا تستعجلوه ) فاطمأنوا .

** والاستعجال : طلب الشيء قبل حينه .

ولما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم : " بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار بأصبعيه ، وإن كادت لتسبقني " .

قال ابن عباس : كان بعث النبي صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة ولما مر جبريل عليه السلام بأهل السموات مبعوثا إلى محمد صلى الله عليه وسلم قالوا : الله أكبر قامت الساعة .

وقال قوم : المراد بالأمر هاهنا : عقوبة المكذبين والعذاب بالسيف وذلك أن النضر بن الحارث قال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء ، فاستعجل العذاب ، فنزلت هذه الآية . وقتل النضر يوم بدر صبرا .

( سبحانه وتعالى عما يشركون ) معناه تعاظم بالأوصاف الحميدة عما يصفه به المشركون .



★ .. تفسير القرطبى : قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه قيل: أتى بمعنى يأتي، فهو كقولك: إن أكرمتني أكرمتك، وقد تقدم أن إخبار الله - تعالى - في الماضي والمستقبل سواء، لأنه آت لا محالة، كقوله: ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار . و أمر الله عقابه لمن أقام على الشرك وتكذيب رسوله . قال الحسن وابن جريج والضحاك : إنه ما جاء به القرآن من فرائضه وأحكامه . وفيه بعد ; لأنه لم ينقل أن أحدا من الصحابة استعجل فرائض الله من قبل أن تفرض عليهم ، وأما مستعجلو العذاب والعقاب فذلك منقول عن كثير من كفار قريش وغيرهم ، حتى قال النضر بن الحارث: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك الآية ، فاستعجل العذاب .



★🌍★ .. وتلك نماذج ومدارس فكرية مختلفة كعادة فطرة الاختلاف الكونية ..★🌍★

والمدقق في الأساليب الفكرية لأغلبهم يجد أنه يغلب عليها طابع التشدد ..

 بل والتشدد الصارم أحيانا حيال التمسك بمدلول ومعنى اللفظ الظاهر .. وفقط ..

وذاك تفسير ضيق .. صغير .. محدود .. ضمن العديد من التفاسير المنسوبة للسابقين ..

والتي تتماشى مع السياق القرآني .. فيما قبله .. وما بعده .. وفقط ..

★🧠★ .. إنما .... على سبيل التفصيص .. والتفصيل .. والتمحيص ..★🧠★

في المقصود من رب القرآن بالتعبير عن المستقبل بصيغة الماضي في مستهل سورة النحل ..

فيختلف التفسير من خلال التدبر العميق للفظ الواحد بل للحرف الواحد ..⁦⁉️⁩ 

_ وإن القرآن لثري بأمثلة على تلك الشاكلة _ ﴿حملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة﴾ الحاقة:13، وقوله تعالى:﴿ ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث الى ربهم ينسلون﴾, يس:51. وقوله تعالى ﴿ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض﴾ (الزمر: 68 ، وقوله تعالى ﴿وانشقت السماء فهي يومئذ واهيه ﴾ الحاقة :16، وقوله تعالى ﴿برزت ال جحيم للغاوين﴾ الشعراء:91، وقوله تعالى ﴿وجاء ربك والملك صفا صفا﴾ الفجر:22 ﴿هل آتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا﴾ الانسان:1

★🤔 ★ .. ولدى واجد .. وصانع .. وخالق الزمن" المقيت" سبحانه .. لا وجود للتقسيمات الزمانية الماضية منها .. أو حتى المستقبلية .

وأيضاً عند انسجام وتناغم وتجانس اللفظ مع اللفظ لتكوين مشهد .. أو لقطة تصويرية لحدث قرآني بعينه ( استعجال العذاب أو الساعة على حد تفاسير المفسرين ) مثلاً .. وقراءته بعيني بصيرة التدبر .. حينها .. وحينها فقط .. تبدو للمتدبر وتظهر حقائق باطنية خفية جديدة كلياً في فهم النص القرآني .. وذاك من دواعي إعجازه السرمدي الفريد .. وإن تلكم الآية لتعد دليلا منطقيا .. لتفسير أكثر عمقاً وأثرا في الذات الإنسانية ..

★🤔★ .. فيكون التفسير الناتج عن تفكر .. وتعقل وتدبر فحوى الآية الكريمة..⁦↘️⁩

** قد كان من المنطقي أن يحل لفظ .."سوف يأتي أمر الله فلا تستعجلوه" .. محل الفعل الماضي" أتى أمر الله فلا تستعجلوه" ⁦1️⃣⁩..؟؟..

** ولم يسبق أن ورد لفظ أو مجموعة ألفاظ _ منسجمة .. ومتناغمة .. ومتجانسة .. لتصوير مشهد أو لقطة من حدث قرآني _ بلا مدلول واضح .. وظاهر .. وبيّن .. وجليّ .. في حين هناك دائماً وأبدأ مدلول آخر باطن وعميق لذات السياق القرآني⁦2️⃣⁩ ..

** كما أن ذاك المدلول العميق هو ما يحمل بين طياته وثناياه الحكمة الإلهية من اختيار ألفاظ الآية الكريمة كما نزلت لتسمعها الآذان .. وينطقها اللسان ⁦3️⃣

★🤔★ .. وأنه حين وردت كلمات وألفاظ عديدة في القرآن تدل على المعنى الواضح والجلي .." للزمن" _ رغم عدم ورود لفظ " الزمن" بالكتاب المنير _ إنما دلت عليه ألفاظ أخرى متعددة .. مثل ليل ونهار .. غدو وآصال .. بكرة وعشية ..فجر وعصر .. شهر وسنة وعام .. قرن ودهر .. أبد وسرمد ..⁦4️⃣⁩

★🤔★ .. وحين قرر المولى جل وعلا استدامة استخدام الفعل الماضي في حدث "العذاب أو القيامة" الذي بخير به محمد (ص) والذي سوف يحدث مستقبلا ولم يحن أوانه بعد ..⁦5️⃣⁩

★🤔★ .. فقد يكون لما سبق عميق الدلالة الباطنة على وجود مضاد ..

أو عكس .. أو جانب ..أو وجه آخر " للزمن".. أدعي وجوده ..

أو بالأحرى عدم وجوده .. وهو ..⁦⏳⌛  .. " اللازمن" ..⏳⌛ 

 .. وذاك ..📖  .. من المنظور القرآني ..📖 

 ولا دليل علمي لدي على ادعائي إنما أحسبه دليل باح بمكنونه الكتاب المنير ..

يدركه الذين يستنبطونه منه .. العالمين ببواطن خفايا الأمور ..


#أفق_حلمي...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من وحي آي الكتاب